"الإيكونوميست": إدارة ترامب تواجه "مدن الملاذ" بفرض الهيمنة الفيدرالية
"الإيكونوميست": إدارة ترامب تواجه "مدن الملاذ" بفرض الهيمنة الفيدرالية
نفّذ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وعوده الانتخابية الصارمة تجاه ما يُعرف بـ "المدن الملاذ"، التي تعارض علنًا عمليات الترحيل الجماعي للمهاجرين غير النظاميين، بعد أن أمر في السابع من يونيو الجاري بإرسال ما لا يقل عن 2000 عنصر من قوات الحرس الوطني إلى مدينة لوس أنجلوس بولاية كاليفورنيا، في خطوة فُسّرت على أنها ذات طابع سياسي أكثر من كونها أمنية، خاصة في ظل محدودية أعمال الشغب على الأرض.
ووفقا لتحليل نشرته مجلة "الإيكونوميست"، الأحد، أظهرت هذه الخطوة نية الإدارة الفيدرالية معاقبة المناطق التي يُسيطر عليها الحزب الديمقراطي، والتي تبدي مقاومة لسياسات البيت الأبيض المتعلقة بالهجرة.
وشنّ عناصر من وكالة الهجرة والجمارك الأمريكية عدة مداهمات في مناطق متعددة من مقاطعة لوس أنجلوس، استهدفت مواقع يُشتبه في وجود مهاجرين غير نظاميين فيها، واعتقل العملاء الفيدراليون أكثر من 40 شخصًا خلال أسبوع واحد فقط.
وأثار ذلك غضب السكان، لا سيما في مدينتي باراماونت وكومبتون، الواقعتين على بُعد نحو 16 ميلاً جنوب وسط لوس أنجلوس، حيث خرجت تظاهرات حاشدة أمام مبانٍ اتحادية تحتوي مراكز احتجاز مهاجرين.
وأطلق عناصر إنفاذ القانون الغاز المسيل للدموع لتفريق المحتجين، كما استخدموا القنابل الصوتية، في حين رد بعض المتظاهرين بإلقاء الحجارة على مركباتهم.
تحذيرات محلية وتحفظ حكومي
حذّرت عمدة لوس أنجلوس، كارين باس، السكان المحليين من مغبة الانجرار إلى العنف، مؤكدةً على الحق الدستوري في الاحتجاج السلمي، وكتبت العمدة في بيان رسمي: "لكل شخص الحق في الاحتجاج السلمي، لكن العنف والتدمير غير مقبولين بتاتًا".
ورغم تلك التظاهرات، لم تُبدِ الحكومة المحلية أي طلب رسمي لدعم فيدرالي، وأوضح حاكم كاليفورنيا الديمقراطي، جافين نيوسوم، في منشور عبر منصة "X" (تويتر سابقًا)، أن الوضع لا يستدعي تدخلًا عاجلًا، وعدّ إرسال الحرس الوطني "خطوة استفزازية تؤجج التوترات أكثر مما تهدئها".
ومن جانبه، واصل نائب رئيس الأركان في البيت الأبيض، ستيفن ميلر، المعروف بمواقفه المتشددة تجاه الهجرة، استخدام لغة نارية، واصفًا التظاهرات بأنها "تمرد عنيف".
وهدّد وزير الدفاع، بيت هيجسيث، بإمكانية إرسال قوات من مشاة البحرية المتمركزة في معسكر بندلتون، رغم أن أوامر الرئيس اقتصرت رسميًا على الحرس الوطني، مع السماح باستخدام وحدات أخرى عند الضرورة.
وأصرّت الإدارة على أن المداهمات تستهدف "مجرمين"، مستندة إلى بيانات وكالة الهجرة والجمارك التي أشارت إلى أن نصف المعتقلين منذ الأول من أكتوبر 2019 هم إما مدانون أو متهمون بارتكاب جرائم.
قانون بوس كوميتاتوس
حاولت الإدارة الأمريكية تجاوز القيود القانونية المفروضة على استخدام الجيش في فرض النظام الداخلي، لم تُفعّل إدارة ترامب قانون التمرد الصادر عام 1807، الذي يُخوّل للرئيس استخدام القوات المسلحة لقمع التمردات المحلية.
لكنها استندت إلى مبررات "حماية الموظفين الفيدراليين والمنشآت الحكومية مؤقتًا"، وهو تبرير قانوني مشكوك فيه، بالنظر إلى أن قانون "بوس كوميتاتوس" الصادر عام 1878 يمنع استخدام الجيش لأغراض إنفاذ القانون المحلي.
وسجّل التاريخ الأمريكي حالات نادرة لتدخل الحرس الوطني دون موافقة حكام الولايات، فقد استشهدت وسائل الإعلام بأحداث عام 1965، عندما حوّل الرئيس ليندون جونسون الحرس الوطني في ولاية ألاباما إلى قوة فدرالية لحماية المتظاهرين السلميين من جماعات الفصل العنصري.
وكانت آخر مرة فعّل فيها الرئيس الأمريكي قانون التمرد في عام 1992، خلال أعمال الشغب التي اندلعت في لوس أنجلوس بعد تبرئة ضباط شرطة اعتدوا على رودني كينغ، وهو مواطن أمريكي من أصل إفريقي.
اتساع نطاق التظاهرات
يتوقع مراقبون أن تنتشر الاحتجاجات إلى مدن أمريكية أخرى، خاصة تلك التي تتبنى سياسات "الملاذ الآمن"، مثل شيكاغو، وبوسطن، ودنفر.
وأكّد المدعي العام الفيدرالي للمنطقة الوسطى من كاليفورنيا، بيل إسايلي، في تصريح لشبكة CBS News، أن عمليات الاعتقال "تستهدف أشخاصًا شديدي الخطورة"، مضيفًا: "هذا هو ما صوت عليه الشعب الأمريكي."